تخاريف قانونية ودستورية من العبد لله بعيداً عن الديموقراطية وفراخ الجمعية

coffee and tea

تخاريف قانونية ودستورية من العبد لله بعيداً عن الديموقراطية وفراخ الجمعية

قانون رقم 18 لسنة 2014

بشأن تعديل أحكام قانون العمل رقم 12 لسنة 2003

باسم الشعب

رئيس الجمهورية

بعد الإطلاع علي الدستور الصادر في 29/11/2012 وأحكامه، والمادة رقم 63 من الدستور، والتي ورد في نصها التالي: “ولا يجوز فرض أى عمل جبراً إلا بمقتضى قانون.“، قرر مجلس النواب، القانون الآتي نصه، وقد أصدرناه.

المادة الأولي:

تقرر تشغيل حملة ليسانس الآداب، أقسام تاريخ وفلسفة وجغرافيا، من الذكور، كعمال بوفيه في دواوين الحكومة. وذلك براتب شهري لايقل عن 200 جنيه ولا يزيد عن 500 جنيه.

المادة الثانية:

تقرر تشغيل حملة ليسانس الآداب، أقسام تاريخ وفلسفة وجغرافيا، من الأناث، كعمال لجمع دودة القطن في مزارع الحكومة. وذلك براتب شهري لايقل عن 200 جنيه ولا يزيد عن 500 جنيه.

المادة الثالثة:

كل من يخالف هذا القانون يعاقب بالحبس لمدة 6 أشهر أو بالغرامة 10000 جنيه أو كليهما.

المادة الرابعة:

ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به بعد تسعين يوما من اليوم التالى لتاريخ نشرة. يبصم هذا القانون بخاتم الدولة ، وينفذ كقانون من قوانينها .

***

هنا أنتهي هذا القانون التخيلي، والذي من الممكن أن يصدر، أو يصدر شئ مشابه له، طبقاً لدستور مصر المحروسة.

علينا أن نساعد علي إفهام شعب مصر، وخاصة البسطاء منهم، كم العوار الموجود في هذا الدستور المعيب والكارثي، ولكن بمفهوم فراخ الجمعية وليس بمفهوم الديموقراطية.

سأظل أقول “لا” لهذا الكائن المشوهه المسمي بالدستور.

لله الأمر من قبل ومن بعد …

قراءات للعبد الفقير لله حول مسودة دستور جمهورية مصر العربية الإسلامية النيلية الإفريقية الأسيوية

25-January_Revolution_04

يقول إبن التفيس: وأما الأخبار التى بأيدينا الآن، فإنما نتَّبع فيها غالب الظن، لا العلم المحقق.

يبدو أن ما ورد في كلام ابن النفيس هو أساس كل مشاكل مجتمعات منطقتنا العربية وبل الإسلامية.

ونعود لقراءة وثيقة الدستور …

ديباجة وثيقة الدستور المنشورة، بتاريخ 30 نوفمبر 2012، في مجملها رائعة، وأري أنها من الممكن أن تكون كافية كـ “دستور” في حد ذاتها، لأنها شاملة لكل المبادئ الأساسية التي نحتاجها لبناء مصر عصرية ومتقدمة.

ولكن الشيطان يمكن دائماً في التفاصيل، وهنا أتذكر قوله تعالي في سورة البقرة الآية 70 {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ}.

وأري أن ظواهر المزايدة بدأت في البند الثانى عشر والخاص بديباجة وثيقة الدستور، حين جاء ذكر الأزهر الشريف وما تبعه من وصف لدور الأزهر، والذي اعتبره غير مبرر وخارج السياق. وأري أن تنتهي هذه الفقرة بكلمة “الأزهر الشريف” وحذف ما يليها.

ودعنا نستكمل قراءة باقي المواد في مسودة الدستور، لأنني كما قلت الشيطان يمكن في التفاصيل.

مادة 1:

كون شعب مصر جزء من الأمة العربية مفهوم، وكونه جزء من الأمة الإسلامية مفهوم بتحفظ لاعتبار أن هناك حوالي 10-20% من السكان من غير المسلمين. ولكن ما هو تعريف الاعتزاز بالانتماء لحوض النيل والقارة الأفريقية والامتداد الآسيوى؟ سؤال لا أجد إجابة عليه إلا في كونه بداية لاستخدام عبارات فضفاضة لا تحمل معني حقيقي.

وأري أن تلك المادة يفضل أن تضاع كالتالي:

“جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ونظامها ديمقراطى. والشعب المصرى جزء من الأمتين العربية والإسلامية، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية.”

المشاركة الإيجابية في الحضارة الإنسانية بالعلم والمعرفة هي مربط الفرس والسبيل لرفعة الدين والدنيا! يرحمكم الله

مادة 2:

مع تحفظي الشديد أن الدول لا دين لها، ولكن كل فرد من الشعب له آله ودين يؤمن به. ولكن لا بأس بعدم تعديل تلك المادة لدرء المزايدات في هذا الخصوص.

مادة 6:

يقوم النظام السياسى على مبادئ الديمقراطية والشورى. أري هناك إقحام لكلمة “شوري” لإرضاء التيار الإسلامي، في حين لا يوجد تعريف لماهية الشوري وآلياتها. وهل الديمقراطية ليست من أشكال الشوري؟ أظن أنها شكل في أشكال الشوري استقر في وجدان البشرية كلها وأصبح لها آلياتها المعروفة والراسخة لدي الناس كافة. وأود أن أرجع للحكمة التي أرادها الله عز وجل حين ذكر في محكم آياته: {وَأَمْرُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ}، وهي الحكمة الهادفة إلي عدم الإنفراد بالقرار وعدم ترسيخ لمفهوم المؤسسة الحاكمة المستبدة فوق الجميع. فإذاً هي الحكمة وليس اللفظ.

مادة 10 ومادة 11:

استمرار لاستخدام كلمات الدين والدينية في السياق. أيها السادة الأخلاق والقيم والدين أشياء لا تفرض في دساتير ولا في قانون. الأخلاق والقيم والدين أشياء مستقرة في وجدان كل فرد، وتمارس بشكل يؤدي إلي تقدم المجتمع ككل، ولكن للأسف نحن نتحدث عنها في أغلب الأوقات ولا نمارسها، وبالتالي نحصد المزيد من التخلف والفقر والعنصرية، في حين الأمم تتقدم بممارسة وترسيخ منظومة القيم والأخلاق، وليس التحدث عنها.

مادة 12:

وتعمل (الدولة) على تعريب التعليم والعلوم والمعارف. شئ جميل. ولكن هل اللغة العربية في الوقت الحالي هي لغة العلم؟ الإجابة بـ (لا). لنكون مشاركين بإيجابية فى الحضارة الإنسانية، كما هو مذكور سلفاً، علينا الإضافة للحضارة البشرية بالبحث والتطوير أولاً. لذا علي الدولة إنشاء حركة ترجمة للمعارف الإنسانية للغة العربية، يتم من خلالها نقل تلك المعارف إلينا، وفي نفس الوقت تقوم الدولة بالاهتمام بتدريس اللغة الانجليزية لمواكبة التطور العلمي الجبار الواقع حالياً. وحين نكون فاعلين في منظومة التقدم البشري، كما هو كان حادثاً في عصور النهضة الإسلامية السابقة، ستصبح لغة العلم هي العربية بصورة تلقائية وليس بصورة اقحامية لا تقدم ولا تؤخر، فلقد كان علي دارس العلم، حتي القرن الثامن عشر، تعلم اللغة العربية لأنها ببساطة كانت لغة العلوم والرياضيات. هذا استمرار لمسلسل “حافظ ومش فاهم”.

المادة 14:

وحد أقصى (للأجور) فى أجهزة الدولة لا يستثنى منه إلا بناء على قانون. الاستثناء باب أخر للمحسوبية والالتفاف، ويجب غلقه. الشبهات أيها الأعزاء!

المادة 29:

لا يجوز التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام، وبقانون، ومقابل تعويض عادل. هذا غير مقبول، فلا يجوز التأميم تحت أي مسمي، فبلاد الأرض واسعة أمام عباده المستثمرين. فهل من الممكن أن يأتي مستثمر داخلي أو خارجي للمحروسة في ظل دستور ينص علي إمكانية التأميم؟ لا طبعاً. ولي هذا العهد يا قوم!

والمادة 29 مناقضة للمادة 30، أو علي أقل تقدير، هناك شبه تعارض.

المادة 36:

ولا يكون حجزه ولا حبسه إلا فى أماكن لائقة إنسانيا وصحيا، وخاضعة للإشراف القضائى. ما هي معايير “لائقة”؟ يجب تحديد هذا طبقاً لمعايير مواثيق حقوق الأنسان العالمية، والتي وقعت عليها مصر المحروسة.

المادة 57:

تمنح الدولة حق الالتجاء للأجانب المحرومين فى بلادهم من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور. هل هذا ينطبق الأفراد أو المجموعات؟ هل هذا ينطبق علي أهل غزة؟ النص عام ويجب إعادة الصياغة، لأنه قد يضر بأمن مصر القومي في وجود العديد من التفسيرات!

المادة 59 والمادة 60:

لابد من تحديد نسبة من الناتج القومي للصرف علي أوجه البحث العلمي، بحيث لا تقل عن 3%. ونسبة من الناتج القومي للتعليم لا تقل عن 7%. وهذا إذا كنا نريد التطور بحق. كما يجب تحصيل نسبة من إيرادات الشركات والمؤسسات، تخصص للبحث العلمي الداعم للصناعة بمفهومها الواسع، لتوفير حلول مبتكرة للتحديات التي تقابلها.

“وتلتزم الجامعات بتدريس القيم والأخلاق اللازمة للتخصصات العلمية المختلفة.” ما هذا؟ مزيد من اقحام الأخلاق والقيم وليس ممارستها!

المادة 61:

الكلام عن محو الأمية عام وغير مجدي، لأن مشكلة محو الأمية مشكلة اقتصادية في المقام الأول. علينا إيجاد مصادر دخل للأسر البسيطة، ونعمل نظام موازي لمحو الأمية مرتبط بالصناعات والحرف التي يقوم بها المتسربين من التعليم، لتحقيق فائدة حقيقية.

المادة 62:

“وتلتزم الدولة بتوفير خدمات الرعاية الصحية، والتأمين الصحى وفق نظام عادل عالى الجودة”. يجب إضافة طبقاً للمعايير التي تحددها منظمة الصحة العالمية. المرجعية يا قوم يرحمكم الله.

المادة 63:

“ولا يجوز فرض أى عمل جبراً إلا بمقتضى قانون.” مرفوض مرفوض، ففي حالات الغيبوبة من الممكن صدور قانون للسخرة مثلاً أو قانون لحيازة العبيد والجواري. نحن في نهاية عام 2012 وليس عام 0012. يرحمكم الله.

المادة 73:

“تلتزم الدولة برعاية ذوى الإعاقة صحيا واقتصاديًا واجتماعيا … الخ” آسف … علي الدولة أن تتكفل برعاية ذوي الإعاقة وليس تلتزم.

المواد 82-130:

كلام كثير وليس له محل من الإعراب في الدستور. يجب وضع المحددات الرئيسية للمجالس النيابية فقط وترك الباقي للقانون المنظم لذلك. وفي هذا السياق، فأنني أري أن من شروط الترشح لتلك المجالس هو الحصول علي شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، بل أقول شهادة جامعية عالية، وليس التعليم الأساسي ولا شهادة محو الأمية. كفانا جهلة يشرعون لنا. وكذلك عدم تعيين أي عضو في أي مجلس نيابي من قبل أي جهة، كفانا هراءاً. ولا أري لمجلس الشوري أي فائدة غير أنه استبن!

المادة 131:

لا تنتقل سلطة التشريع في حالة غياب المجلسين إلا للمحكمة الدستورية العليا بشروط يحددها الدستور أو القانون، حتي لا نكرر المأساة التي تعيشها مصر الآن.

المادة 137:

“ويكون أداء اليمين أمام مجلس الشورى عند حل مجلس النواب.” وتضاف وأمام المحكمة الدستورية العليا في حالة غياب المجلسين.

المادة 146:

موافقة مجلس النواب علي الحرب بأغلبية ثلثي الأعضاء علي الأقل، وليس أغلبية بسيطة.

المادة 148:

نفس الشئ فيما يخص إعلان حالة الطؤاري، يجب موافقة ثلثي الأعضاء بحد أدني علي هذا.

المادة 176:

طريقة تشكيل المحكمة الدستورية العليا مبهم وغير مريح.

المادة 198:

هل القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة؟ ما هذا الهراء؟ القضاء العسكري جزء من القوات المسلحة وتختص فقط بمحاكمة العسكريين وطبقاً للقانون المنظم لذلك. هذه المادة مرفوضة بالكامل.

المادة 202:

“يعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بعد موافقة مجلس الشورى، وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة. ولا يعزلون إلا بموافقة أغلبية أعضاء المجلس، ويُحظر عليهم ما يحظر على الوزارء.” آسف … يعين رئيس الجمهورية رؤساء تلك الجهات بعد موافقة أغلبية مجلس الشوري (الاستبن). هذا هراء!

المادة 205:

تحديد الجهات التي يراجعها الجهاز المركزي للمحاسبات واجبة في الدستور، بما في ذلك مؤسسة الرئاسة. لا رجعة عن التقدم للأمام وليس الخلف.

المادة 210:

الإشراف علي الانتخابات للقضاة فقط وليس لمدة 10 سنوات فقط. آسف جداً، وما دون ذلك مرفوض.

المادة 215:

مرفوضة كاملة، لأن ما فيها يسمح بتكميم الأفواه والحجر علي الحريات تحت مسميات غير محددة وهلامية وغير قابلة للتعريف الدقيق، مثل التزام وسائل الإعلام المختلفة بأصول المهنة وأخلاقياتها، والحفاظ على اللغة العربية، ومراعاة قيم المجتمع وتقاليده البناءة.

المادة 219:

مرفوضة كاملة، لأنها ترسخ مفهوم المرجعية الدينية وتستند إلي هو غير محدد بل ومختلف عليه بين الناس. فمذاهب أهل السنة والجماعة يا سادة هي مفاهيم وتفاسير بشرية مرتبطة بواقع اجتماعي وحضاري كان سائداً في حينه، وليس منزل من الله العزيز الحكيم. وهنا يحضرني مقولة إبن النفيس السابق ذكرها.

المادة 226:

مرفوضة. دستور جديد = رئيس جديد = حكومة جديدة = مجالس نيابية جديدة. نقطة ومن أول السطر، إذا كنا نريد مصر جديدة ولا أيه؟

المادة 227:

تسأول … هل رئيس الجمهورية له سن تقاعد؟

المادة 231:

“تكون الانتخابات التشريعية التالية لإقرار الدستور بواقع ثلثى المقاعد لنظام القائمة، والثلث للنظام الفردى، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح فى كل منهما.”

ده تفصيل ومرفوض. الأحزاب لها القوائم ويحظر عليها الترشح في النظام الفردي وكذلك المستقلين لا يجب عليهم الترشح علي القوائم. و”المستقل” هو الذي لا ينتمي إلي أي حزب خلال العامين السابقين علي ترشحه.

ملاحظات أخيرة:

مسودة الدستور التي بين أيدينا الآن، بها الكثير من العوار لأسباب أري أنها: ناجمة عن إنعدام وجود رؤية لشكل مصر الحديثة في القرن الواحد والعشرين، وغياب لقيادة حقيقية في مصر علي مستوي الحدث الذي تمر به البلاد، وتغليب المصلحة الضيقة والقريبة علي مصلحة الوطن، ووجود العديد من أصحاب الصوت العالي، وتهميش ونسيان لدور العديد من فئات المجتمع مثل المرأة والأقباط، واختلاط الأفكار الايديولوجية بالسياسية، وعدم وجود العديد من أصحاب العقل والحكمة والخبرة في اللجنة التأسيسة للدستور.

الدستور يا سادة يضعه الحالمون وأصحاب الرؤية، وهؤلاء لم نراهم في اللجنة المبجلة، ولهذا أرفض هذه المسودة التي أراها خطوة جيدة وإن لم تكن كافية، فالطريق مازال طويلاً لعمل دستور يليق بمصر التي تم نسيانها.

ولله الأمر من قبل ومن بعد.